القرن الرابع عشر للميلاد (699 - 801 ه-.)
يعتبر القرن الرابع عشر للميلاد عهد اضطراب خطير وتغيرات بعيدة المدى على الصعيدين الاجتماعي والاقتصادي ففي أوروبا يمثل هذا القرن عصر بدء الانتقال من القرون الوسطى إلى العصر الحديث, وعصر تفسخ الإقطاعية, وعصر اتساع النشاط التجاري في إيطاليا والبلقان على نحو مهد السبيل للتوسع الأوروبي الضخم الذي شهدته القارة في القرن التالي. هذا من ناحية. ومن ناحية ثانية كان الجزء الأعظم من أوروبا الغربية, خلال القرن الرابع عشر, أشبه بمرقعة كبيرة تتناثر في أرجائها إمارت ودول مدينية لا نهاية لها, وكانت فرنسا وإنكلترا في سبيلهما إلى أن تصبحا دولتين ملكيتين تتمتع كل منهما بسلطة مركزية قوية. وكانت الروسيا رازحة, ما تزال, تحت نير <الجحفل الذهبي> (وهو الجيش المغولي الذي اجتاح أوروبا الشرقية قبيل منتصف القرن الثالث عشر), في حين كانت تركيا وشبه جزيرة البلقان تشهدان ولادة أمبراطورية قوية جديدة هي الأمبراطورية العثمانية. وكان معظم آسيا لا يزال رازحا تحت نير المغول الذين تركزت قوتهم في فارس غربا والصين شرقا. حتى إذا أشرف هذا القرن على الانتهاء ورث تيمورلنك أمبراطورية المغول, ونهضت في الصين سلالة وطنية, هي سلالة مينغ التي اتسعت الأمبراطورية الصينية في عهدها اتساعا كبيرا. هذا في أوروبا وآسيا. أما في إفريقيا الغربية فازدهرت أمبراطورية مالي. وأما في نصف الكرة الغربي فكانت حضارة المايانيين قد مالت إلى الأفول. وخلال هذا القرن تراجعت النصرانية في وجه الإسلام في الشرق, وقطع أوصالها <الانشقاق العظيم> في الغرب. ليس هذا فحسب, فقد واصل الإسلام تقدمه - في هذا القرن - في إفريقيا, وشق طريقه إلى الصين نفسها, وتهدد - تحت راية العثمانيين - العالم النصراني كله بالخطر. وفي دنيا الأدب والفكر كان القرن الرابع عشر هو عصر دانتي وبترارك وبوكاتشيو وتشوسر وابن خلدون وابن بطوطة. وفي فن العمارة كان عصر <الحمراء> معجزة غرناطة العربية التي تم تشييدها عام 1358
يعتبر القرن الرابع عشر للميلاد عهد اضطراب خطير وتغيرات بعيدة المدى على الصعيدين الاجتماعي والاقتصادي ففي أوروبا يمثل هذا القرن عصر بدء الانتقال من القرون الوسطى إلى العصر الحديث, وعصر تفسخ الإقطاعية, وعصر اتساع النشاط التجاري في إيطاليا والبلقان على نحو مهد السبيل للتوسع الأوروبي الضخم الذي شهدته القارة في القرن التالي. هذا من ناحية. ومن ناحية ثانية كان الجزء الأعظم من أوروبا الغربية, خلال القرن الرابع عشر, أشبه بمرقعة كبيرة تتناثر في أرجائها إمارت ودول مدينية لا نهاية لها, وكانت فرنسا وإنكلترا في سبيلهما إلى أن تصبحا دولتين ملكيتين تتمتع كل منهما بسلطة مركزية قوية. وكانت الروسيا رازحة, ما تزال, تحت نير <الجحفل الذهبي> (وهو الجيش المغولي الذي اجتاح أوروبا الشرقية قبيل منتصف القرن الثالث عشر), في حين كانت تركيا وشبه جزيرة البلقان تشهدان ولادة أمبراطورية قوية جديدة هي الأمبراطورية العثمانية. وكان معظم آسيا لا يزال رازحا تحت نير المغول الذين تركزت قوتهم في فارس غربا والصين شرقا. حتى إذا أشرف هذا القرن على الانتهاء ورث تيمورلنك أمبراطورية المغول, ونهضت في الصين سلالة وطنية, هي سلالة مينغ التي اتسعت الأمبراطورية الصينية في عهدها اتساعا كبيرا. هذا في أوروبا وآسيا. أما في إفريقيا الغربية فازدهرت أمبراطورية مالي. وأما في نصف الكرة الغربي فكانت حضارة المايانيين قد مالت إلى الأفول. وخلال هذا القرن تراجعت النصرانية في وجه الإسلام في الشرق, وقطع أوصالها <الانشقاق العظيم> في الغرب. ليس هذا فحسب, فقد واصل الإسلام تقدمه - في هذا القرن - في إفريقيا, وشق طريقه إلى الصين نفسها, وتهدد - تحت راية العثمانيين - العالم النصراني كله بالخطر. وفي دنيا الأدب والفكر كان القرن الرابع عشر هو عصر دانتي وبترارك وبوكاتشيو وتشوسر وابن خلدون وابن بطوطة. وفي فن العمارة كان عصر <الحمراء> معجزة غرناطة العربية التي تم تشييدها عام 1358