الوطن
أنا لا أحن إلى أغصان الزيتون التي لا تتجرد يوماً من أوراقها ولا أتلهف شوقاً لأرى تراب الوطن الأحمر .. ولا أحلم بكرم التين وشجر التفاح .. لا أتذكر أرجوحة الطفولة وأولاد الجيران ولعب الأرصفة .. ولا أشتم عطر الياسمين المنثور على كل البيوت ورائحة المطر التي تمتزج بتراب الأرض .. ولا أعرف الأزقة الضيقة المرصوفة والشبابيك الخشبية المصنوعة من شجر السنديان ..
أنا لا أحبك أيها الوطن .. ولا أحب زرقة سماءك وهواء تلالك فأنا لا أعرفها .. ولوفرة الحظ لدي فإن لي بدل الوطن وطنان أنسب إلى أحدهما من دون أن أعرفه وأذوب في كل تفصيلات الآخر من دون أن يسمح لي بأن أتبعه بياء الملكية فيصبح وطني ..
وتقول العامة "ضربة حظ"ولأن الأمور عندنا لا تتقدم إلا للخلف ولا تمشي إلا تقهقراً فضربة الحظ لدى أمثالنا حظ ضارب لا ننال منه إلا جزءه الأخير وكذا الوطن إن عكسناه - تبعاً للقواعد التي نشأنا عليها - كان أكثرإقناعا ..وسيصبح حينذاك.. نط ولا و"نط"أي اقفز ومنها التنطنط أي التنقل قفزاً من مكان لآخر وهذا حالنا لا نستقر على بلد حتى ننط منه إلى آخر أو على الغالب حال أكثرنا !
و لفظة "ولا" هي اختصار لكلمة " ولاك " وهي كلمة تنبيه شائعةٍ جداً في أوساط الدوائر والمقرات الحكومية في الوطن ..! وما ضرورة الوطن وما الحاجة إليه وما هو إلا لفظ اعتاد الناس سماعه فأحالوه ما شاءوا وما هي إلا كلمة لا تحيا إلا بالقدر الذي تحياه في أنفسنا وهي في أنفسنا ذلك الميت الذي ما عاش أصلاً فهو مذ خلق ميت ! تعجزنا أيها الوطن حين ترغمنا أن نكون أوفياء لك .. حين لا نراك إلا من بين قضبان الزنازين ولا نسمع عنك إلا من أفواه المعذبين والمبعدين .. ولا نلمس منك إلا جواز سفر صغير يحمل وجوها بلا معالم وأسماء بلا معانٍ ورقماً هو نحن..
مؤسف أيها الوطن أنك لا تجيد سوى الدفن ذلك الدفن الذي يكون تحت التراب وفوقه ..!
ومؤسفون نحن عندما لا نمتلك حبراً نكتب به أنفسنا ولا ورقاً أبيض يسمح لنا أن نكتب عليه !
مؤسفون حينما نشعر برغبة ملحة في التعبير عن ذواتنا فلا نمتلك إلا أن نهمس من دون صوت ونتحرك بأعيننا فقط لنخفيها تحت الجفون خوفاً من دمعة قهر تتسرب من باطن النفس فتخبر عن مكنونها ثم نهرب بعد ذلك رعباً حتى من جلدنا خوفاً من أن نعلم يوماً بأننا نحس!
يصبح من المضحك ما يقولون حين تكون منتهى أحلامهم تقبيل ثرى الوطن وملامسة أرضه بذات الشفاه التي حرمها ذاك الوطن قدرة الكلام حتى أتقنت بحرفية فن الخرس!
مضحك حين يتمنون هواء الوطن وهو ذاته الذي علمهم كيف يختنقون إذ لا أحد في وطننا يسمح له بأن يتنفس إلا بالقدر الذي يجعله ميتاً على وجه الأرض لا في باطنها ..!
مضحك ما يقولون ومبكٍ .. فيا أهل الله هل لي بوطن يقبلني لا وطن أجبر على تقبله !
هل بأرض تمنحني كرامةً لأعيش على ظهرها فقد مللنا والله طأطأة الرؤوس وأتعبتنا الانحناءات وكرهنا الذل..
اذهبوا وابحثوا لكم عن وطن لا يتربى فيه الخوف ولا يستثمر فيه العجز ولا يعلم إلا بالعصا
وأقولها سلفاً :
عظم الله أجرنا وأجركم وأحسن لنا ولكم العزاء
أنا لا أحن إلى أغصان الزيتون التي لا تتجرد يوماً من أوراقها ولا أتلهف شوقاً لأرى تراب الوطن الأحمر .. ولا أحلم بكرم التين وشجر التفاح .. لا أتذكر أرجوحة الطفولة وأولاد الجيران ولعب الأرصفة .. ولا أشتم عطر الياسمين المنثور على كل البيوت ورائحة المطر التي تمتزج بتراب الأرض .. ولا أعرف الأزقة الضيقة المرصوفة والشبابيك الخشبية المصنوعة من شجر السنديان ..
أنا لا أحبك أيها الوطن .. ولا أحب زرقة سماءك وهواء تلالك فأنا لا أعرفها .. ولوفرة الحظ لدي فإن لي بدل الوطن وطنان أنسب إلى أحدهما من دون أن أعرفه وأذوب في كل تفصيلات الآخر من دون أن يسمح لي بأن أتبعه بياء الملكية فيصبح وطني ..
وتقول العامة "ضربة حظ"ولأن الأمور عندنا لا تتقدم إلا للخلف ولا تمشي إلا تقهقراً فضربة الحظ لدى أمثالنا حظ ضارب لا ننال منه إلا جزءه الأخير وكذا الوطن إن عكسناه - تبعاً للقواعد التي نشأنا عليها - كان أكثرإقناعا ..وسيصبح حينذاك.. نط ولا و"نط"أي اقفز ومنها التنطنط أي التنقل قفزاً من مكان لآخر وهذا حالنا لا نستقر على بلد حتى ننط منه إلى آخر أو على الغالب حال أكثرنا !
و لفظة "ولا" هي اختصار لكلمة " ولاك " وهي كلمة تنبيه شائعةٍ جداً في أوساط الدوائر والمقرات الحكومية في الوطن ..! وما ضرورة الوطن وما الحاجة إليه وما هو إلا لفظ اعتاد الناس سماعه فأحالوه ما شاءوا وما هي إلا كلمة لا تحيا إلا بالقدر الذي تحياه في أنفسنا وهي في أنفسنا ذلك الميت الذي ما عاش أصلاً فهو مذ خلق ميت ! تعجزنا أيها الوطن حين ترغمنا أن نكون أوفياء لك .. حين لا نراك إلا من بين قضبان الزنازين ولا نسمع عنك إلا من أفواه المعذبين والمبعدين .. ولا نلمس منك إلا جواز سفر صغير يحمل وجوها بلا معالم وأسماء بلا معانٍ ورقماً هو نحن..
مؤسف أيها الوطن أنك لا تجيد سوى الدفن ذلك الدفن الذي يكون تحت التراب وفوقه ..!
ومؤسفون نحن عندما لا نمتلك حبراً نكتب به أنفسنا ولا ورقاً أبيض يسمح لنا أن نكتب عليه !
مؤسفون حينما نشعر برغبة ملحة في التعبير عن ذواتنا فلا نمتلك إلا أن نهمس من دون صوت ونتحرك بأعيننا فقط لنخفيها تحت الجفون خوفاً من دمعة قهر تتسرب من باطن النفس فتخبر عن مكنونها ثم نهرب بعد ذلك رعباً حتى من جلدنا خوفاً من أن نعلم يوماً بأننا نحس!
يصبح من المضحك ما يقولون حين تكون منتهى أحلامهم تقبيل ثرى الوطن وملامسة أرضه بذات الشفاه التي حرمها ذاك الوطن قدرة الكلام حتى أتقنت بحرفية فن الخرس!
مضحك حين يتمنون هواء الوطن وهو ذاته الذي علمهم كيف يختنقون إذ لا أحد في وطننا يسمح له بأن يتنفس إلا بالقدر الذي يجعله ميتاً على وجه الأرض لا في باطنها ..!
مضحك ما يقولون ومبكٍ .. فيا أهل الله هل لي بوطن يقبلني لا وطن أجبر على تقبله !
هل بأرض تمنحني كرامةً لأعيش على ظهرها فقد مللنا والله طأطأة الرؤوس وأتعبتنا الانحناءات وكرهنا الذل..
اذهبوا وابحثوا لكم عن وطن لا يتربى فيه الخوف ولا يستثمر فيه العجز ولا يعلم إلا بالعصا
وأقولها سلفاً :
عظم الله أجرنا وأجركم وأحسن لنا ولكم العزاء