القائد المسلم .. سليمان الفرنساوي
هذا هو الكولونيل سيف أو سليمان باشا الفرنساوي مؤسس الجيش المصري النظامي الحديث
اقرأوا معي قصة هذا القائد المسلم..
=========
محمد علي(1805- 1849م) هو مؤسس مصر الحديثة ، و قد كان قبل عصر محمد علي أن صارت كلمة فلاح مرادفة لكلمة مصري في قاموس الأجانب، إلى أن ظهر محمد علي على مسرح الحياة المصرية و رأى أن أول خطوة في بناء دولته تبدأ من بناء جيش نظامي حديث على نمط الجيوش الأوروبية.
و جرب محمد علي جيشا من خليط من الأجناس المختلفة فنشأت الفوضى و الشغب و الغدر و التمرد و الخيانة و كادت التجربة تطيح بمركز محمد علي نفسه فتآمروا على قتله في بيته بالأزبكية بالقاهرة لولا تسرب خبر المؤامرة و هروبه للقلعة .
فاتجهت أنظاره إلى الفلاحين و تذكر أمجاد الجيش المصري تحت رايات أحمس و تحتمس و رمسيس و أدرك بفراسته أن هذا الفلاح سيأتي بالأعاجيب إذا ما تهيأت له الظروف الصالحة ، و بدأ من نقطة الصفر.
و ساقت إليه الأقدار ضابطا فرنسيا من بقايا حروب الحملة الفرنسية اسمه الكولونيل سيف فعهد إليه بمهمة تكوين النواة الأولى من الضباط الذين سوف يعاونونه على تدرب الجنود المصريين فاختار له 500 من خاصة مماليكه ليبدأ بهم و اختار له أسوان لتكون معسكرا لهذه المهمة بعيدا عن مؤامرات الجيش المختلط و مقاومتهم لكل جديد ، و استغرقت عملية التدريب ثلاث سنوات ذاق خلالها سيف الأمرين لتطويع هذه العناصر الفوضوية و تهذيبها ، و اعتنق سيف, الإسلام و اصبح اسمه سليمان فزال الحاجز النفسي بينه و بين تلاميذه الضباط و اظهر لهم من الشجاعة و الصبر و سعة الصدر ما جعل حقدهم عليه ينقلب إلى حب و احترام فحدث مرة أن دبر تلاميذه مؤامرة لاغتياله أثناء التدريب على ضرب النار فأطلق عليه أحدهم –بدلا من الهدف - رصاصة مست أذنه و أطاحت بقبعته فامسك سليمان بالبندقية و اتخذ مكان القاتل في الصف و اخذ يصوب الرصاص نحو الهدف الحقيقي و هو يردد: (( هكذا يكون التصويب يا غبي! )).
و كان من الطبيعي أن تترك هذه التصرفات النبيلة أثرها في تلك النفوس الصخرية فأذابت جمودها و غرورها ، و بعد تكوين الدفعة الأولى من الضباط بدأت عملية البحث عن الجنود و لقيت دعوة التجنيد من المصريين نفورا و كراهية لبعد المسافة بينهم و بين هذا الواجب الوطني فضلا عن الطريقة البشعة التي سلكها اتباع محمد علي لجمع الفلاحين إذ كانوا ينقضون على القرى الآمنة و يأسرون كل من يقع في أيديهم من الرجال و الأطفال و يسوقونهم في الحبال إلى معسكرات التجنيد في المدن.
و لكن المشروع مضى في طريقه المرسوم و بقي سليمان باشا الفرنساوي على راس الجيش يعلم و يدرب و ينظم و ينشئ المدارس الحربية و يستدعي الخبراء من الخارج و يرسل البعوث إلى أوروبا لتتخصص في الفنون العسكرية.
و ظل سليمان باشا الفرنساوي يواصل مهمته الجليلة حتى عصر سعيد باشا (1854- 1863م) و دخل في نسيج المجتمع المصري فتزوجت إحدى بناته بـمحمد شريف باشا( أبو الدستور في مصر) فانجب منها فتاة تزوجت عبد الرحيم صبري باشا (وزير الزراعة) و أثمر الزواج فتاة هي ملكة مصر السابقة (نازلي) زوجة الملك احمد فؤاد و أم آخر ملوك مصر الملك فاروق.
و تقديرا من المصريين لهذا الرجل الذي يرجع إليه الفضل في بناء أول جيش مصري صميم أقاموا له تمثالا في الميدان المسمى باسمه(!!!!) و أطلقوا اسمه على أحد شوارع القاهرة فلما قامت ثورة الجيش في يوليو 1952 أطاحت بالتمثال و ألقت به في ساحة المتحف الحربي و نزعت اسمه من الميدان و الشارع و أطلقت عليه اسم (طلعت حرب) مؤسس الاقتصاد الوطني ، و مع ذلك لا يزال المصريون يفضلون استعمال اسم شارع و ميدان سليمان ربما لأنه اسهل ... و ربما وفاءا منهم لذكرى هذا الرجل العظيم.
و أخيرا ، لم يكن سليمان باشا اقل من سيده محمد علي إعجابا بالجنود المصريين فيقول: (( إن العرب- يريد المصريين- هم خير من رأيتهم من الجنود ، فهم يجمعون بين النشاط و القناعة و الجلد على المتاعب مع انشراح النفس و توطينها على احتمال صنوف الحرمان ، و هم بقليل من الخبز يسيرون طوال النهار يحدوهم الشدو و الغناء و لقد رايتهم في معركة (قونية)- في ديسمبر 1832 و استمرت سبع ساعات و انتهت بهزيمة ساحقة للعثمانيين - يبقون ساعات متوالية في خط النار محتفظين بشجاعة و رباطة جأش تدعوان إلى الإعجاب دون أن تختل صفوفهم أو يسري إليهم الملل أو يبدو منهم تقصير في واجباتهم و حركاتهم الحربية)).
هذا هو الكولونيل سيف أو سليمان باشا الفرنساوي مؤسس الجيش المصري النظامي الحديث
اقرأوا معي قصة هذا القائد المسلم..
=========
محمد علي(1805- 1849م) هو مؤسس مصر الحديثة ، و قد كان قبل عصر محمد علي أن صارت كلمة فلاح مرادفة لكلمة مصري في قاموس الأجانب، إلى أن ظهر محمد علي على مسرح الحياة المصرية و رأى أن أول خطوة في بناء دولته تبدأ من بناء جيش نظامي حديث على نمط الجيوش الأوروبية.
و جرب محمد علي جيشا من خليط من الأجناس المختلفة فنشأت الفوضى و الشغب و الغدر و التمرد و الخيانة و كادت التجربة تطيح بمركز محمد علي نفسه فتآمروا على قتله في بيته بالأزبكية بالقاهرة لولا تسرب خبر المؤامرة و هروبه للقلعة .
فاتجهت أنظاره إلى الفلاحين و تذكر أمجاد الجيش المصري تحت رايات أحمس و تحتمس و رمسيس و أدرك بفراسته أن هذا الفلاح سيأتي بالأعاجيب إذا ما تهيأت له الظروف الصالحة ، و بدأ من نقطة الصفر.
و ساقت إليه الأقدار ضابطا فرنسيا من بقايا حروب الحملة الفرنسية اسمه الكولونيل سيف فعهد إليه بمهمة تكوين النواة الأولى من الضباط الذين سوف يعاونونه على تدرب الجنود المصريين فاختار له 500 من خاصة مماليكه ليبدأ بهم و اختار له أسوان لتكون معسكرا لهذه المهمة بعيدا عن مؤامرات الجيش المختلط و مقاومتهم لكل جديد ، و استغرقت عملية التدريب ثلاث سنوات ذاق خلالها سيف الأمرين لتطويع هذه العناصر الفوضوية و تهذيبها ، و اعتنق سيف, الإسلام و اصبح اسمه سليمان فزال الحاجز النفسي بينه و بين تلاميذه الضباط و اظهر لهم من الشجاعة و الصبر و سعة الصدر ما جعل حقدهم عليه ينقلب إلى حب و احترام فحدث مرة أن دبر تلاميذه مؤامرة لاغتياله أثناء التدريب على ضرب النار فأطلق عليه أحدهم –بدلا من الهدف - رصاصة مست أذنه و أطاحت بقبعته فامسك سليمان بالبندقية و اتخذ مكان القاتل في الصف و اخذ يصوب الرصاص نحو الهدف الحقيقي و هو يردد: (( هكذا يكون التصويب يا غبي! )).
و كان من الطبيعي أن تترك هذه التصرفات النبيلة أثرها في تلك النفوس الصخرية فأذابت جمودها و غرورها ، و بعد تكوين الدفعة الأولى من الضباط بدأت عملية البحث عن الجنود و لقيت دعوة التجنيد من المصريين نفورا و كراهية لبعد المسافة بينهم و بين هذا الواجب الوطني فضلا عن الطريقة البشعة التي سلكها اتباع محمد علي لجمع الفلاحين إذ كانوا ينقضون على القرى الآمنة و يأسرون كل من يقع في أيديهم من الرجال و الأطفال و يسوقونهم في الحبال إلى معسكرات التجنيد في المدن.
و لكن المشروع مضى في طريقه المرسوم و بقي سليمان باشا الفرنساوي على راس الجيش يعلم و يدرب و ينظم و ينشئ المدارس الحربية و يستدعي الخبراء من الخارج و يرسل البعوث إلى أوروبا لتتخصص في الفنون العسكرية.
و ظل سليمان باشا الفرنساوي يواصل مهمته الجليلة حتى عصر سعيد باشا (1854- 1863م) و دخل في نسيج المجتمع المصري فتزوجت إحدى بناته بـمحمد شريف باشا( أبو الدستور في مصر) فانجب منها فتاة تزوجت عبد الرحيم صبري باشا (وزير الزراعة) و أثمر الزواج فتاة هي ملكة مصر السابقة (نازلي) زوجة الملك احمد فؤاد و أم آخر ملوك مصر الملك فاروق.
و تقديرا من المصريين لهذا الرجل الذي يرجع إليه الفضل في بناء أول جيش مصري صميم أقاموا له تمثالا في الميدان المسمى باسمه(!!!!) و أطلقوا اسمه على أحد شوارع القاهرة فلما قامت ثورة الجيش في يوليو 1952 أطاحت بالتمثال و ألقت به في ساحة المتحف الحربي و نزعت اسمه من الميدان و الشارع و أطلقت عليه اسم (طلعت حرب) مؤسس الاقتصاد الوطني ، و مع ذلك لا يزال المصريون يفضلون استعمال اسم شارع و ميدان سليمان ربما لأنه اسهل ... و ربما وفاءا منهم لذكرى هذا الرجل العظيم.
و أخيرا ، لم يكن سليمان باشا اقل من سيده محمد علي إعجابا بالجنود المصريين فيقول: (( إن العرب- يريد المصريين- هم خير من رأيتهم من الجنود ، فهم يجمعون بين النشاط و القناعة و الجلد على المتاعب مع انشراح النفس و توطينها على احتمال صنوف الحرمان ، و هم بقليل من الخبز يسيرون طوال النهار يحدوهم الشدو و الغناء و لقد رايتهم في معركة (قونية)- في ديسمبر 1832 و استمرت سبع ساعات و انتهت بهزيمة ساحقة للعثمانيين - يبقون ساعات متوالية في خط النار محتفظين بشجاعة و رباطة جأش تدعوان إلى الإعجاب دون أن تختل صفوفهم أو يسري إليهم الملل أو يبدو منهم تقصير في واجباتهم و حركاتهم الحربية)).