القرن العشرون (1317 - 1420ه-.)
تمخض القرن العشرون عن تغيرات لم يسبق إلى مثلها, في أيما قرن سالف, سواء من حيث تسارعها أو ضخامتها أو أثرها في حياة الإنسان. ففي هذا القرن أدت <الثورة> التي عرفتها وسائل النقل, وبخاصة بعد اختراع الطائرة, والتطور العظيم الذي عرفته وسائل الاتصال ووسائل الإعلام وبخاصة إثر اختراع التلفزيون, إلى جعل العالم الواسع جرما صغيرا يتعذر فيه على أيما شعب مهما نأت دياره أن يتقوقع على ذاته ويحيا في عزلة عما يجري حوله. وفيه حدثت تطورات جذرية في ميادين الصناعة والزراعة وحلت الماكينات محل الإنسان في كثير من الأعمال اليومية. وفيه وثب العلم وثبات متلاحقة على نحو مذهل, فوضعت نظرية آينشتاين في النسبية وسخرت الطاقة النووية لأغراض السلم والحرب معا, وطورت عقاقير ولقاحات جديدة حدت من انتشار كثير من الأمراض والأوبئة, وخطت الجراحة خطوات واسعة إلى الأمام, وغزا الإنسان الفضاء الخارجي ووطئت قدماه أرض القمر. ليس هذا فحسب. بل لقد شهد هذا القرن نشوب حربين عالميتين ضروسين فضلا عن عدد من الحروب الإقليمية المحدودة, واندلاع بضع ثورات عقائدية كبرى غيرت مجرى التاريخ, وسقوط أكثر من أمبراطورية عريقة, وولادة كثير من الدول الأوروبية التي لم يكن لها خلال القرون السابقة أيما مكان على الخريطة السياسية, واستقلال الكثرة الكاثرة من شعوب آسيا وإفريقيا التي كانت رازحة من قبل تحت نير الاستعباد. أما في ميدان الأدب والفن فقد خسر الشعر موقعه الطليعي واحتلت القصة القصيرة والرواية والمسرحية مقام الصدارة في دنيا الأدب. وتعاظم نزوع الرسامين والنحاتين إلى التخلي عن محاولة <التصوير الأمين> للطبيعة, وانجرافهم مع تيار<التجريد> المستعصي على الأفهام في كثير من الأحيان
تمخض القرن العشرون عن تغيرات لم يسبق إلى مثلها, في أيما قرن سالف, سواء من حيث تسارعها أو ضخامتها أو أثرها في حياة الإنسان. ففي هذا القرن أدت <الثورة> التي عرفتها وسائل النقل, وبخاصة بعد اختراع الطائرة, والتطور العظيم الذي عرفته وسائل الاتصال ووسائل الإعلام وبخاصة إثر اختراع التلفزيون, إلى جعل العالم الواسع جرما صغيرا يتعذر فيه على أيما شعب مهما نأت دياره أن يتقوقع على ذاته ويحيا في عزلة عما يجري حوله. وفيه حدثت تطورات جذرية في ميادين الصناعة والزراعة وحلت الماكينات محل الإنسان في كثير من الأعمال اليومية. وفيه وثب العلم وثبات متلاحقة على نحو مذهل, فوضعت نظرية آينشتاين في النسبية وسخرت الطاقة النووية لأغراض السلم والحرب معا, وطورت عقاقير ولقاحات جديدة حدت من انتشار كثير من الأمراض والأوبئة, وخطت الجراحة خطوات واسعة إلى الأمام, وغزا الإنسان الفضاء الخارجي ووطئت قدماه أرض القمر. ليس هذا فحسب. بل لقد شهد هذا القرن نشوب حربين عالميتين ضروسين فضلا عن عدد من الحروب الإقليمية المحدودة, واندلاع بضع ثورات عقائدية كبرى غيرت مجرى التاريخ, وسقوط أكثر من أمبراطورية عريقة, وولادة كثير من الدول الأوروبية التي لم يكن لها خلال القرون السابقة أيما مكان على الخريطة السياسية, واستقلال الكثرة الكاثرة من شعوب آسيا وإفريقيا التي كانت رازحة من قبل تحت نير الاستعباد. أما في ميدان الأدب والفن فقد خسر الشعر موقعه الطليعي واحتلت القصة القصيرة والرواية والمسرحية مقام الصدارة في دنيا الأدب. وتعاظم نزوع الرسامين والنحاتين إلى التخلي عن محاولة <التصوير الأمين> للطبيعة, وانجرافهم مع تيار<التجريد> المستعصي على الأفهام في كثير من الأحيان